وكأنك العذراء


 سارت في طريقها المعتاد،  تحمل طفلها وتسير،  وكلما نظرت في عينيه ووجهه الصبوح؛ تتلألأ عيناها وتزداد إشراقًا ببسمةٍ لا تفارقها، وقبلةٍ تطبعها مِن حينٍ إلى حين،  وكلما تركته في مأواه إلى أن ترجع؛ لا ينفك شوقها أن يكف إلا بالرجوع وضمه بين أحضانها.

وبينما هي كذلك، تتقابل بعيونٍ أخرى كل يوم، تلك العيون التي أخذ الزمن منها الكثير،  امرأة عجوز،  تنظر في وجهها لا تجد اختلافًا كبيرًا بينها وبين مَن ترى مِن العجائز سوَى ما دقَّت على مِعصمها مِن صليب يوسِمها لتختلف القليل.

وتعاود الأيام المَسير، وكل يوم تتقابل بتلك العينين وكأنها تترصدها على عتباتها؛ لتنظر في تلك العينين النجلاوين والوجه الذي ربما يذكرها بمَن تحب وهي تحمل طفلها في الذهاب والإياب.

أبى عليها خجلها أن ترمي السلام في كل مرةٍ تراها،  ولكن نظرتها وابتسامتها أشعرتها بشوقها إلى السلام والابتسام،  وربما انشغال قلبها بمن في يديها وما ينتظرها يلهيها عن كل شيء.

وفي صباح يوم لا جديد فيه إلا من صباحه، تسير في طريقها بطفلها، وكما الأيام تقابل العجوز،  وفي هذه المرة تعزم تلك العجوز أن تقترب منها في طريقها أكثر ليتقاطع المَسيران ، هنا لم تستطع إلا أن تلقي عليها السلام،  فتتفاجأ بذراعيها الممدودتين لتحتضناها وتربت على كتفها قائلةً:  وكأنك العذراء!
.
.
د/ منال 

منال

وما قلبي عليه ألوم أن يهوى طبائعه ولكني ألوم هواي لا يشبعنْ جائعه على أني لأشبعه بنزف الحرف من دمي ومكويٌ مدامعه

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال