مغرورة متكبرة!
***********
جلست على مقعدها بين الجمْع في التدريب المُقام، جاءت في ميعادها المحدد، لم تستطع التأخير عنه رغم معرفتها أنهم يضربون الموعد قبله بالنصف ساعة، وربما أكثر؛ لمعرفتهم أن الجمع لا يمكن أن يأتي في الموعد المحدد كما ضُرب! فإن ضُرب قبل الموعد وتم التأخير؛ سيأتون في الموعد المطلوب بالتأخير كما يريدون ! ولطالما عزمت على التأخير فلم تستطع.
بدأ المُدرب في الحديث واسترسل، لاحظتْ بعض الارتباك برغم محاولة التغلب عليه، حاولت أن تلقي سؤالا هنا وهناك لامتصاص ارتباكه، فلطالما خبرت امتصاصه بالنقاش، ولطالما امتصت ارتباكها هي بالنقاش أولاً، وما أرادته أتى أكله، ولكن ذهب الارتباك وبقي خبرة الإلقاء وفن توصيل المعلومة .
لحظات واسترسل الجمع في الاستئذان، وكلٌ يتعلل، سبب هنا وسبب هناك، وتجر الأسباب والاستئذانات الارتباك وراءها من جديد، يستأذنون ويعودون، تغيرت القَسَمات فيما تُنْبي الشعور بعدم القدرة على جذب الانتباه وفائدة ما يُلقَى، داخلها ضيقٌ شديد، فربما ذهب هذا ولم ينم ليلته؛ لأنه لم يتقن فعل ما طُلب منه.
جلست بجانب إحداهن، مَن ؟ حبيبتي توحشتك كثيرًا، منذ متى لم أرك، يا لها من فرصة لأراكِ! تهامسا بين الفينة والأخرى بصوت خفيض؛ حتى لا يفت في أعصاب المدرب، وبعد وقت ليس بالطويل احتاجت للخروج لبعض أمرها، قامت دون أن تنبس ببنت شفة، وكأنها تتحسس الخطى؛ حتى لا تزعجه، فلطالما علمت هذا أن تفعله؛ حتى لا تقطع على محدثها الحديث فينقطع حبل الفكر، ولطالما أُمرت به في بعض المواطن.
خرجت سريعًا ثم عادت، وفي عودتها نظرت في وجهه فوجدت نظرة لم تفهمها، وربما فهمت بعض العتاب، لمَ لمْ تستأذني ؟! جلست بكل هدوء مكانها، ثم نظرت بجوارها إلى تلك التي كانت تنظر إليها كنجمة عالية مضيئة، وبفعلها أصبحت دُجًى مُعتمًا، وتمايزت في نفسها غيظًا وغضبًا، وكأنها علمت ما يدور في نفسها من أسئلة، لمَ لمْ تستأذن ؟! لمَ لمْ تعطهِ قدرًا من الاحترام باستئذانها ؟! هل هذه هي مَن عرفتها وأكبرتها ؟! خاب ظني وانكشف عن امرأة مغرورةٍ متكبرة !
وجاء بعض النقاش، فقامت الصاحبة، ورمت بين كلماتها بعض الكلمات في الاستئذان، ولأول مرة تجسد الصاحبة أمام عيني صاحبتها تلك الطبيعة التي لا تعرف للعذر طريقًا، وكأنها لأول مرةٍ تراها! ثم جلست وسور بين القلبين، وتحولت تلك النجمة إلى امرأةٍ مغرورةٍ متكبرة، لا تعرف للذوق طريقًا !
.
.
...منال