خَرْقاء !
******
لطالما كان عونًا لها وهي لا تدري ، يشد من أزرها ، ويبني ما تهدم منها ، قلبها كما النسيم رأى ، لا يعرف حقدًا أو لؤمًا ، حتى وإن شعر ببعض الحرور من بعضهم ، لا تستجيب لها اليد أو العين لترد بعض حره ، فقط تتغافل وكأنها لا ترى ، فلي أن يؤازرها قلبي قبل يدي ، وأن أظل وراء ظهرها ما حييت .
يا بعض بعضي ، هلمي بين أكنافي ولا تترددي ، ودعك من كل الظنون ، ولتنسي ما شكلته رؤاك من شيطان همه التفريق ونثر البغضاء ؛ ليحول بينك وبين مَن في وسعه أن يفتديك بالقلب والروح .
كان يناجيها وهو ينظر إليها من بعيد، عازمًا ألا يصيبها مكروه يهدم ما ابتنى ، وينثر ثانية عرق الجهد والألم جبينها الذي لطالما جهد أن يمسحه .
وهو في خِضم مناجاته تدخل إحداهن، ترفل في ثيابٍ من الخُيلاء ، تنظر إليها شذرًا ، تسلم بفتور ، وبعد برهة من وقت ، تقف أمامها ؛ لتستعرض مفاتنها وما في يديها من نعيم ! تارة توليها وجهها ! وتارة أخرى توليها ظهرها عمدًا ! جهلت بأن مَن عدمَ الأدبَ أولَى بظهره !
رآها تتجاهلها وكأنها لا تراها، وهو يوقن برؤيتها وألمها ، مَن هذه حتى تفعل ما تفعل فيمن فاقت عنها خلقًا وعلمًا ومالا وجمالاً ؟! إنه النقص عزيزتي المُفدَّاة !
هرع إليها ليحول بينها وبين مِعولٍ يحاول هدم ما بنى ، يؤلم قلبه الذي في قلبها ، يناغيها وما بين يديها لترتدع هذه وتدع حبيبته جانبًا ، ولتبحثْ عن أخرى لم تتهدم مرارًا لتحمل وزرها ما حَيَت !
جاهدتْ ألا تُشعره بما في قلبها من ألم ، ولكن عينيها تُحَوِّرهما غلالةٌ من دموع ، واحدة أخرى خَرْقاء ! تُناظِرها ! وهي التي فاقت عليها بمثل ما تناظر وهي لا تدري أو تدري !
أيتها الخرقاء ، لتبتعدي عنها ، فلطالما احتاجت لمِثْل مِثْلك ولكنكم أموات ! ولطالما هُدمت مِن مِثْل مِثْلك ! نعم ، إنكن أكثر أهل النار ، تُعددنَ لأنفسكن مكانًا في قاع جهنم بمِثل ما أرى الآن!
نظر إليها وكأن نظرته سيفٌ مُشهر ، لتذهبي عنها أيتها الخَرقاء ، فما كان لقلب عَكِرٍ أن يعكر صفاء قلبها لحظة واحدة !
.
...منال