اكتفِ بنفسك.


 مِن فترةٍ ليست بالقصيرة، كنت أتشارك في جروبات الشعر والشعراء،  وكنت كلما احتككت بذاك المجتمع شعرت بوخز التنافس وما يتبعه من فكرٍ مشتتٍ ومشاعر كالأمواج العاتية في الليالي العاصفة، ووسطٍ لا يُسالم مَن ليس له مخالب أو حلو اللسان الذي يستعير بعض النفاق أو المدح الذي يقطع الأعناق ليُرْبي له المناصرين والمصفقين أو المساندين،  ووجدتني لست مِن هؤلاء أو أولئك،  فآثرت سلامة قلبي وفراغ ذهني، وتقوقعت في صفحتي لا أريد سواها،  واعتذرت لمَن لامني أو ترجَّى الرجوع شاكرةً له. 

منذ ليونة أظافري أدركت أن التنافس لا يُتعب إلا صاحبة،  ولا يُشعر إلا بقلبٍ تتناوشه المشاعر هبوطًا وصعودًا؛ ليترك خلفه دقات قلبٍ برسومات غير منتظمة،  وعقلاً مشتتًا بين دروب معوجة لا تستقيم، وعيونًا حائرةً لا ينداح لها المنام إلا بعد عِراك مع العقل حتى ينهكه. 

منذ نعومة أظافري أدركت أن التنافس شيءٌ مقيتٌ لا تجد منه إلا الألم والشتات،  فآثرت ترك كل شيءٍ وأيَّ شيء يغير القلب أو يشتت العقل، ومَن كان منه شيءٌ مِن ذلك شيَّدت بيني وبينه أسوارًا وليس سورًا واحدًا، ومَن غَـيَّر قلبي بشق كلمةٍ أو بما وراء الكلمات أسدلت بيني وبينه ما وسعت من الحدود والسدود، فأي تنافس لرزق مكتوب مقسوم؟! وأي تنافس يُرْبي السيئات ويُطيح بالحسنات ؟! وأي شيء محمودٍ يُرجى من لسان يُدْمي على غِرَّة؟!  فما أجمل الجدران حين تقيك سهام هؤلاء وأولئك! 

فهوِّن عليك يا أخيي،  وخذ من تجارب سالف الأيام،  أفض على قلبك بعضًا من قلوب الطير،  وانزع كل العلائق ما أمكن،  واكتفِ بنفسك وِسْع الطاقة،  مَن أتاك بوجهٍ بشوشٍ فاقبله،  ومَن حجب عنك بشاشته فاحجبه،  ومَن عاد عُد،  ومَن بَعُد أورِبْ بابك دون قُفلٍ مُحْكَم،  ولكنه بابٌ موصودٌ بيدٍ لا ترتجف،  أو راحةٍ تمتد للسؤال، وخَلِّ دون عقلك البلبال، واغنِ يديكَ مِن السؤال، ولا تنافس الدنيا وقد كُتب لك منها نصيبٌ لن يذهب إلا إليك. 

.

.

د/ منال

منال

وما قلبي عليه ألوم أن يهوى طبائعه ولكني ألوم هواي لا يشبعنْ جائعه على أني لأشبعه بنزف الحرف من دمي ومكويٌ مدامعه

إرسال تعليق

أحدث أقدم

نموذج الاتصال